رسمياً: الرياض تحقق انجاز جديد ضمن رؤية 2030 قبل موعدها بخمس سنوات

الرياض تحقق انجاز جديد ضمن رؤية 2030 قبل موعدها بخمس سنوات
  • آخر تحديث

قبل أربعة أعوام فقط، طرح برنامج طموح بدا للبعض بمثابة رهان غير مألوف، وهو أن تصبح مدينة الرياض الوجهة الأولى والمقر الرئيس للشركات العالمية في المنطقة.

الرياض تحقق انجاز جديد ضمن رؤية 2030 قبل موعدها بخمس سنوات 

غير أن هذا الطموح سرعان ما تحول إلى واقع ملموس، إذ تمكنت العاصمة السعودية من استقطاب أكثر من ستمائة مقر إقليمي لشركات كبرى، في وقت قياسي تجاوز التوقعات وبفارق زمني بلغ خمس سنوات عن المستهدف الأصلي.

هذا الإنجاز يعكس الرؤية البعيدة المدى التي أطلقها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حفظه الله، منذ يناير 2021، والتي بدأت تؤتي ثمارها مبكرا وبصورة أبهرت المتابعين محلي ودولي.

ما وراء الإنجاز

لم يأتي هذا التحول بمحض الصدفة، بل كان ثمرة لخطط استراتيجية دقيقة ترافقها إصلاحات تنظيمية وحوافز اقتصادية وضريبية استثنائية.

فقد وفرت المملكة بيئة أعمال منافسة جعلت الشركات العالمية تعيد النظر في وجهتها الإقليمية.

ووفقا لصحيفة فايننشال تايمز، فإن هذه السياسات أعادت تشكيل معايير بيئة الاستثمار في الخليج، وغيرت مسار المراكز الاقتصادية التقليدية لصالح الرياض.

نقطة التحول الحاسمة

ابتداء من 1 يناير 2024، دخل حيز التنفيذ قرار يلزم الجهات الحكومية في المملكة بعدم التعاقد مع أي شركة أجنبية لا تمتلك مقر إقليمي داخل السعودية، مع بعض الاستثناءات المحدودة.

وقد شكل هذا القرار بحسب وكالة رويترز علامة فارقة سرعت تدفق الشركات الكبرى نحو العاصمة.

وفي الإطار ذاته، عززت الحكومة هذه الخطوة بحوافز ضريبية مغرية تضمنت إعفاء ضريبي يمتد لثلاثة عقود كاملة على أنشطة المقرات الإقليمية، بما يشمل إعفاء من ضريبة الدخل ومن اقتطاعات المدفوعات المرتبطة بها.

وقد وصفت مجلة الإيكونوميست هذه الحوافز بأنها "الأكثر تنافسية على مستوى المنطقة".

استمرار الزخم في عام 2025

المؤشرات الحديثة تؤكد أن البرنامج لم يتوقف عند تجاوز الهدف العددي، بل يواصل زخمه بوتيرة متصاعدة.

إذ أظهرت نشرات وزارة الاستثمار أن المملكة منحت خلال الربع الثاني من عام 2025 وحده أربعة وثلاثين ترخيص جديد لشركات إقليمية.

ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن هذا يؤكد أن المملكة ماضية في توسيع قاعدة الاستقطاب.

وفي أغسطس 2025، أعلنت شركة لينوفو انتقال مقرها الإقليمي إلى الرياض بالتوازي مع إطلاق مشروع تصنيع محلي، وهو ما يعكس أن المبادرة تجاوزت مجرد استقطاب مكاتب إدارية إلى بناء قاعدة اقتصادية وصناعية متكاملة.

الوجه الجديد للرياض

أصبحت العاصمة السعودية مركز اقتصادي متنوع، إذ لا تقتصر المقرات المستقطبة على قطاع محدد، بل تغطي مجالات متعددة تشمل الخدمات الاحترافية، التكنولوجيا، اللوجستيات، والصناعة.

هذا التنوع يعزز فرص الرياض في أن تصبح خلال السنوات المقبلة ضمن أكبر عشر مدن اقتصادية على مستوى العالم.

ووفقًا لتقارير بلومبرغ، بدأت الشركات العالمية تنظر إلى الرياض بوصفها "العاصمة الإقليمية الجديدة"، بينما شجعت وضوح الأنظمة والإجراءات المؤسسات المالية الكبرى على الانضمام تدريجي إلى هذا التحول.

الأثر على سوق العمل والاستثمار

وجود مقرات الشركات العالمية في الرياض يعني قرارات أسرع تتعلق بالتوظيف، الشراكات، وتطوير السوق المحلي. كما أن كل مقر يجلب معه طلب متزايد على الخدمات القانونية والتقنية والاستشارية واللوجستية.

وبهذا يتحقق مفهوم توطين سلاسل القيمة، إذ لا يقتصر الأثر على استقطاب الشركات، بل يمتد ليعزز الصناعات المحلية ويوفر آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة للمواطنين.

وكمثال حي، فإن انتقال "لينوفو" لا يعزز فقط قطاع التكنولوجيا، بل يسهم في دفع عجلة التصنيع المحلي ويؤكد أن البرنامج يتجه نحو بناء قاعدة إنتاجية حقيقية.

المستقبل خطوط جديدة لا تنتهي

مع استمرار التوسع في المناطق الاقتصادية الخاصة وتطوير الأطر التنظيمية والضريبية، تسعى المملكة إلى ضمان أن تكون الحوافز أداة لدعم التنمية المستدامة، وليس مجرد تسهيلات ضريبية عابرة.

ووفقا لـ وول ستريت جورنال، فإن البيئة الاستثمارية السعودية تعد اليوم الأكثر جاذبية وموثوقية في المنطقة.

إن تجاوز مستهدف ستمائة مقر إقليمي يمثل بداية مرحلة جديدة وليست نهاية الطريق، إذ تتجسد الرؤية في مبدأ أساسي عبر عنه سمو ولي العهد: "لا توجد خطوط نهاية، فكل خط نهاية هو بداية لخط جديد".

وبذلك، تفرض الرياض نفسها على الخريطة الاقتصادية العالمية، مدينة بعد مدينة، وقطاع بعد قطاع، لترسخ مكانتها كعاصمة للأعمال في المنطقة، وقوة صاعدة في الاقتصاد العالمي.